فرحات مهني لـ "الصحيفة": النظام الجزائري استعان بمواطنين "كومبارس" لاستقبال تبون وشنقريحة.. والسلطات اعتقلت العشرات من ساكنة "القبائل" عشية الزيارة
حلّ الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، الخميس بمحافظة تيزي وزو أكبر مدن منطقة القبائل المطالبة بالانفصال، في زيارة هي الأولى من نوعها خلال ولايته، وقد أُريد لها أن تكون "تاريخية" بإعلانه منها ترشحه الذي طال انتظاره للانتخابات الرئاسية المقررة بعد أقل من شهرين، بيد أن ساكنة المنطقة حوّلتها لزيارة "مُهينة" وفق تعبير فرحات مهني، رئيس الحركة من أجل استقلال منطقة القبائل المعروفة اختصارا بـ "ماك"، الذي أكد "اعتقال النظام الجزائري تعسفيا" لعشرات من الساكنة المحتجة عشية الزيارة.
ويُحاول قصر المرادية، وضع حد للقطيعة التي دامت عدة سنوات بين المنطقة والنظام الجزائري، سيما بعد إعلان فرحات مهني، رئيس الحركة من أجل استقلال منطقة القبائل، المعروفة اختصارا بـ“ماك”، من أمام مقر الأمم المتحدة بالولايات المتحدة الأمريكية قيام دولة جمهورية القبائل الديمقراطية وعاصمتها تيزي وزو، شهر أبريل الماضي، والذي أدى إلى رفع منسوب المقاربة الأمنية في المنطقة وفرض إنزال عسكري واعتقال كافة الأصوات المعارضة ومنع الأنشطة السياسية خاصة تلك الخاصة بالمعارضين للسلطة، وقمع الاحتجاجات في المدينة وفي عموم منطقة القبائل.
الاستعانة بـ"مواطنين مزورين"
سخّرت السلطات الجزائرية، لهذه الزيارة التي تأجلت مرارا لأسباب أمنية إمكانيات بشرية ولوجستية ضخمة، في محاولة من النظام العسكري تلميع صورة عبد المجيد تبون أمام الرأي العام ووسائل الإعلام المحلية والأجنبية، وجعل عاصمة القبايل التي قاطعت الانتخابات الماضية هي منطلق الحملة الانتخابية السابقة لأوانها.
ولم تكُن هذه الزيارة "مفاجئة" كما أُشيع عنها في الإعلام الجزائري، بل سبقتها ترتيبات عسكرية وأمنية منذ ثلاثة أشهر على الأقل وسط أجواء من الحذر واليقظة، مخافة حدوث أي مفاجأة غير سارة يقوم بها أنصار التيار الانفصالي أو معارضون للسلطة وفق ما أكدته مصادر إعلامية.
وروجت على مواقع التواصل الاجتماعي مجموعة من الفيديوهات والصور، التي تُثبت تجمهر أشخاص من خارج منطقة القبايل وغير ناطقين باللغة الأمازيغية ولا ينتمون للمنطقة في نقط تجمع متفرقة، جعلتها السلطات الجزائرية منطلقا للرحلة صوب "تيزي وزو" من أجل استقبال الرئيس تبون.
وعلى الرغم من استعانة السلطات الجزائرية، بأشخاص لا ينتمون للمنطقة لاستقبال "الرئيس"، إلا أن العديد من الصور ولقطات الفيديو المنشورة عبر منصات التواصل الاجتماعي، أظهرت واقع مقاطعة ساكنة المنطقة للزيارة، خاصة وأن معظم الشوارع التي تحرك فيها تبون تَجَمَّعَ فيها العشرات من المتجمهرين بعدد محدود، مقابل الانتشار الكثيف لرجال الأمن على طول الشوارع لدرجة أن أعدادهم كانت أكبر بكثير من أعداد المواطنين الذين تم الاستعانة بهم.
اعتقالات عشية الاستقبال
في تصريح خص به "الصحيفة"، قال فرحات مهني، رئيس الحركة من أجل استقلال منطقة القبائل المعروفة اختصارا بـ "ماك"، إن الزيارة التي قام بها تبّون لتيزي وزو هي بالدرجة الأولى محاولة "للتحدي" ضد شعب القبائل وحركته الاستقلالية السلمية "ماك"، بعد إعلان قيام الدولة في أبريل الماضي.
وعلى الرغم من أن رئيس القبايل وحركة "الماك"، لم يوجّها أي دعوة للساكنة من أجل مقاطعة تبون وفق ما أكده مهني لـ "الصحيفة" وهو يصف الزيارة بـ "المهينة"، إلا أن ساكنة القبائل بالفعل لم تكن في الاستقبال، وقد تجنبه شعب القبائل، ما اضطر "الاستعمار الجزائري إلى الاعتماد على عدد قليل من الأشخاص الفاسدين للترحيب به وعلى حشد أشخاص تم إحضارهم من محافظات أخرى ولا يتحدثون لغة القبائل ولا ينتمون إليها" وفق تصريح فرحات مهنى لـ"الصحيفة"، الذي أكد أن عددا من ساكنة المنطقة التي أعلنت رفضها للزيارة جرى اقتيادها لمراكز الشرطة واعتقلت كما هو الحال دائمًا، تعسفيا يومي 9 و10 يوليوز.
ويرى "رئيس القبائل"، أن هدف النظام الجزائري من وراء هذه الزيارة التي اعتبرها "مهينة" هو تلميع النظام أمام العالم، وإعطائهم صورة أن منطقة القبائل تعود إلى الحظيرة الجزائرية، لكن الأمر ليس كذلك، ولم يكن قط، وقد انقلب السحر على الساحر وظهرت الحقيقة حتى بالنسبة لنظام وصفه بـ" الاستعماري"، لأن الصورة التي ظهر تخلال الزيارة بالفعل "هي أن منطقة القبائل مستقلة تمامًا، ويوجد توافق بين MAK وAnavd، وحكومة القبائل المتواجدة في المنفى، لهذا ندعو الأمم المتحدة إلى إدراج منطقة القبائل على قائمة المناطق التي سيتم إنهاء الاستعمار فيها من أجل وضع حد لمعاناة شعب منطقة القبائل من خلال ممارسة حقه في تقرير المصير". وفق رئيس حركة "الماك".
ترشح مَرضي لكنه مُقلق
وتعليقا، على خبر إعلان الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، ترشحه لخوض الانتخابات الرئاسية المقررة في شتنبر المقبل، "نزولاً عند رغبة كثير من الأحزاب والمنظمات السياسية وغير السياسية والشباب "، قال مهني إن هذا الترشيح والرغبة في البقاء على رأس السلطة "مقلق فعلا إلى حد ما".
وعزا رئيس القبائل المنفي في فرنسا، موقفه هذا لكون تبّون في نظره "غير مسؤول وغير واعٍ، ويعمل كواجهة للإرهابيين العسكريين الذين يقودون خطة الإبادة الجماعية في حق منطقة القبائل في إطار عملية صفر منطقة القبائل المعروفة، وكذا زعزعة الاستقرار الإقليمي في شمال إفريقيا، والتحالف الدولي مع أعظم الديكتاتوريات في العالم."
ويرى مهني في حديثه لـ "الصحيفة"، أنه وخلال فترة ولاية تبّون الأولى التي دامت خمس سنوات، "لم يتم تسجيل أي إنجازات اجتماعية واقتصادية تذكر، كما تضاعف النقص في المواد الأساسية وانتشرت القذارة في المدن، وقد عومل الأفارقة الذين يلتمسون اللجوء بعنصرية وتفاقمت الكراهية اتجاه المغرب، وتم رفع مستوى الحقد على إسرائيل وفرنسا إلى مستوى الرياضة الفكرية الوطنية".
واعتبر مهني أن الأحكام العرفية والضغط الأمني المفروض على منطقة القبائل من طرف النظام الجزائري أسوأ من نظام الفصل العنصري سيئ السمعة في جنوب أفريقيا، مشيرا إلى أن تبون يدفعه محرّكو الدمى نحو ولاية ثانية لتنفيذ مخططاتهم الأكثر كارثية.
وكان الرئيس الجزائري تبون، قد أعلن في شهر مارس الماضي، إجراء انتخابات رئاسية مبكرة في 7 شتنبر المقبل، أي قبل 3 أشهر من موعدها المقرر مسبقاً، فيما تأخر في إعلان ترشحه رسميا في وقت، أعلنت العديد من الأسماء المعارضة ترشحها، على غرار لويزة حنون القيادية في "حزب العمال"، و عبد العالي حساني شريف عن "حركة مجتمع السلم"، و يوسف أوشيش عن "جبهة القوى الاشتراكية"، وزبيدة عسول من "الاتحاد من أجل التغيير والرقي".
من جانبها، وقبيل إعلان تبون دخوله مضمار التنافس أعلنت عدد من الأحزاب السياسية التي تمتلك الأغلبية في البرلمان، دعمها ترشيحه لولاية ثانية، مثل أحزاب "جبهة التحرير الوطني"، و"جبهة المستقبل"، و"التجمع الوطني الديمقراطي"، و"صوت الشعب"، و"حركة البناء"، وهي من أبرز الأحزاب المؤيدة للسلطة.
وأكدت "جبهة التحرير الوطني"، بصفتها "القوة السياسية الأولى في البلاد"، أنها ستكون داعماً رئيسياً لـ"إنجاح الانتخابات الرئاسية في الجزائر"، معلنةً دعمها لترشح تبون لولاية رئاسية ثانية، على الرغم من أنها لم تدعمه في انتخابات 2019، حينما قرر الترشح كمرشح حر رغم عضويته في الحزب.
ويلزم قانون الانتخابات كل مرشح لانتخابات الرئاسة، الحصول على 50 ألف توقيع فردي على الأقل من الناخبين المسجلين في قوائم انتخابية، ويجب أن تكون هذه التوقيعات موزعة على 29 ولاية على الأقل، بحيث لا يقل عدد التوقيعات المطلوبة في كل ولاية عن 1200 توقيع، وبدلاً من ذلك، يمكن للمرشح تقديم 600 توقيع فردي من منتخبين في المجالس البلدية أو الولائية أو البرلمانية، وذلك خلال 40 يوماً من استدعاء الهيئة الناخبة، فيما تنطلق الحملة الانتخابية قبل 23 يوماً من تاريخ الاقتراع، وتنتهي قبل 3 أيام من تاريخه المحدد في 7 شتنبر المقبل.
تعليقات
بإمكانكم تغيير ترتيب الآراء حسب الاختيارات أسفله :